
by Michael Svoboda
بتجاهل قضية رئيسية في عصرنا، يرسل الفيلم رسائل مضللة.

ملاحظة: يحتوي هذا المقال على حرق لأحداث الفيلم لذا سيتم التنبيه على جزيئة الحرق .
قضى المخرج ‘لي إسحاق تشونغ’ معظم سنوات طفولته في اركنساس ، كون ذلك المكان كان قريباً جداً من ” ممر الأعاصير ” الشهير ، يحمل تشونغ ذكريات شخصية حول العاصفة الدوامة ، و يعرف جيداً كيف تؤثر على من ينشأ في تلك المنطقة من الغرب الأوسط الأمريكي. وقد مكنت هذه التجربة والمعرفة قدرته على إخراج فيلم ‘Twisters’.
ونتيجة لذلك أستمتع المشاهدون بمشاهد مطاردة العواصف التي صورها تشونغ في مساحة من مناظر طبيعية شاسعة للسهول الأمريكية. تأثروا كذلك بقصة الشخصية الرئيسية كيت كوبر -” التي أدتها ديزي إدغار جونز “-. التي كانت تبحث عن الخلاص بعد أن أدت تجربتها العلمية لتفكك الأعاصير إلى وفاة ثلاثة من أصدقائها بالإضافة لحبيبها. وهكذا أصبح فيلم ‘Twisters’ الذي انتهى تواً من عرضة في صالات السينما كرابع أكثر الأفلام تحقيقاً للإيرادات في الصيف
(سيتم وضع رابط لتحميل للفيلم أسفل المقال )
لكن إخراج تشونغ أثار الجدل أيضاً بسبب ما لم يتضمنه الفيلم –ذكره لتغير المناخ- فقد أشار سبعة تعليقات على الأقل في الصحف مثل :
the Chicago Tribune, CNN, Grist, Guardian, the New York Times, Salon, and Slate
إلى غياب هذا السبب في العنوان أو الفقرة الافتتاحية.
أنا أيضاً شعرت بالمفاجأة ، عندما شاهدت مقاطع دعائية لأفلام الصيف القادمة في الذكرى العشرين لفيلم “The Day After Tomorrow” بحثت عن أفلام حول تغير المناخ ووجدت أن فيلم “Twisters” صنف كفيلم
cli-fi، فكيف يمكن لفيلم عن الأعاصير في عام 2024 ألا يتحدث عن تغير المناخ ؟
قدم تشونغ إجابة من ثلاث أجزاء في مقابلات مع CNN و NewYorker:
– العلم حول تغيير المناخ ليس ثابتاً.
– لم يرغب في خلق شعور بأنهم يصنعون رسالة كما لو أنه الفيلم وسيلة لنقل رسالة حول المناخ وبتالي يقلل من نجاحه التجاري.
– لا أعتقد أن الأفلام يجب أن تحمل رسالة أو موعظة.
” العلم ، الأعاصير ، و عدم اليقين “
يتفق الباحثون على أن العلم الذي يربط بين تغير المناخ و الأعاصير ، خاصة فيما يتعلق بتكرارها أو قوتها فهو غير مؤكد دائماً. لكن هذا لا يعني أن العلم لا يصنع فارقاً ، فهناك اتجاهات و خطوط متسقة جداً لا يمكن تفسيرها بالتغيرات العشوائية :
النطاق الجغرافي للأعاصير يتحرك جنوباً و شرقاً ، والعديد من مجموعة أعاصير قد تضرب نفس المنطقة في فترة زمنية قصيرة و بشكل متكرر. وقد أقر تشونغ بنفسه هذه النتائج في مقابلة مع New Yorkerوخلال ظهوره في قمة هوليود للتغير المناخي ، لذا كان يعلم أنه بإمكانه تضمين كل من العلم و عدم اليقين في فيلم “Twisters.”
مثل الفيلم الأصلي المنتج عام 1996 ، فـ فيلم “Twisters.”يتضمن مشاهد يراقب فيها الشخصيات الرئيسية الأخبار التلفزيونية للحصول على توقعات الطقس و التنبيهات المتعلق بالأعاصير و ليس من الصعب تخيل حوار بين مذيع و صحفي أرصاد يتحدث حول تغير المناخ :
– “بوب ، نتلقى الكثير من الرسائل النصية و الصوتية التي تسأل حول إن كان تغير المناخ سبباً في هذه السلسلة المخيفة من الأعاصير التي نراها ؟ “
– ” هذا سؤال يطرح نفسه ، فالباحثون في مجال المناخ و الخبراء و الأرصاد يطرحون هذا أيضاً انفسهم .
ليكن بعلمك شارون أن العلم الذي يربط بين شدة و تكرار الأعاصير و بين المناخ الذي نعلم أن تغييراته غير مؤكدة اننا أكثر ثقة بشأن الاتجاهات الأخرى التي نلاحظ طرقها تتغير جنوباً و شرقاً و تشكل المزيد من المجموعات ، لكننا لا نفهم تماماً ما وراء هذه التغييرات ، باختصار أخبرك شارون نعتقد أن هناك روابط لكن لا يمكننا تفسيرها بالكامل. “
محادثات شبيهة جداً كالتي تذاع في NPR -هي شبكة الإذاعة العامة في الولايات المتحدة- قصصاً حول سلسلة مفاجئة من الأعاصير في شمال ولاية نيويورك .
” في ولاية نيويورك ، سجلت ما لا يقل عن 26 إعصاراً هذا العام حتى الآن ، وهو اعلى عدد تم تسجيله ، هذا ترك المسؤولين و سكان الولاية يتساءلون عن الدور الذي قد يلعبه تغير المناخ الناتج عن النشاط البشري .”
تعمل ثلاث محطات إذاعية تابعه للشبكة الإذاعية العامة على البث في معظم أنحاء ولاية أوكلاهوما و تشمل هذه المحطات البرنامج الشهير “All Things Considered” الذي تناول هذه القصة في نسخته بتاريخ 9 أغسطس .
حينها استمع سكان أوكلاهوما الأصليين إلى قصة إخبارية حول تغير المناخ و الأعاصير ، أما في الأفلام فلا يمكن استخدام البث الإذاعي لعرض الرصد المباشر النشط للأعاصير لذلك يحتاج الأمر إلى مقاطع فديو من محطة تلفزيونيه .
لكن الكثير من المحطات التلفزيونية في جميع أنحاء الولايات المتحدة و خاصة في الغرب الأوسط أصبحت مملوكة لمؤسسات إعلاميه ذات تحفظ عالي وواضح . مثال حي على ذلك هو مجموعة Sinclair Broadcasting وهي مجموعة تمتلك اثنتين من أكبر المحطات في اوكلاهوما ، ففي عام 2023 قامت Sinclair Broadcasting بفصل مراسل في محطتها في لينشبورغ بولاية فيرجينا بسبب حديثه عن تغير المناخ دون تضمين نفي متوازن والذي يقصد به في مواضيع التغير المناخي هو محاولة تحقيق توازن بين الذين ينكرون أو يقللون من أهمية التغير المناخي و بين العلماء و المجتمعات التي تعمل على التوعية بخطورة المشكلة و اتخاذ الإجراءات الازمة للتخفيف من آثارها.
في هذا الموضوع قد يشمل موازنة التعامل مع هؤلاء المنكرين بطريقة لا تسبب نفورهم بل تسعى لجذبهم نحو الحوار العلمي و التوعية التدريجية حتى لا تعيق أفكارهم طرق التقدم لمواجهة التغير المناخي.
في المجالات الإعلامية الأخرى في الغرب الأوسط تعرض خبراء الأرصاد الجوية الذين تم توظيفهم خصيصاً لتوسيع تغطية تغير المناخ للمضايقات و التهديدات من مجموعة صغيرة لكنها صاخبة من المشاهدين.
من منظور تشونغ ربما كان محقاً ففي “reflection of the [Oklahoma] world” الذي وضعه في فيلمه فإن خبراء الأرصاد الجوية في التلفزيون يتجاهلون التحدث عن تغير المناخ خلال موسم الأعاصير. و مع ذلك كان لدى تشونغ خياراً بدلاً من تحرير موضوع ” تغير المناخ” في فيلم “”Twisters” إلى الاكتفاء بالإشارة السريعة لآثاره في عناوين مختلفة مثل ” (“unprecedented,” “droughts,” “wheat prices”)
كان بإمكانه الثقة بقدرته الفنية لجعل تغير المناخ جزءاً فعالاً من التصوير الواقعي للحياة مع الأعاصير ، في النهاية هذا الهدف من فكرة الأعاصير ، جعل إدراج تغيير المناخ في القصص و الأفلام و البرامج التلفزيونية التي تدور في الحاضر أو المستقبل القريب أساساً وليس استثناء.
*هل “تغير المناخ” عبارة مقلقة؟*
كان ثلاثة من الكتاب سعيدين بقرار تشونغ في استبعاد فكرة ” تغير المناخ ” في فيلمه ، و وفقاً لهؤلاء الكتاب الذين ظهرت مقالاتهم في Federalist و New York Times و Wall Street Journal
فإن هذه الكلمات تعتبر اقحاماً مزعجاً ورسالة منفرة ، برفض تشونغ إدراج مثل هذه الإشارات الليبرالية في أفلام مثل Inside-Out 2 و Twisters، أشار بعض من أصحاب التعليقات إلى أن هوليود بدأت تعترف بأن الـ ” واقعيه ” لا تؤتي ثمار تعب أبداً و كأن لدى صناع الأفلام رسالة جديدة للولايات الحمراء ” أفلامنا موجهة لكم ”
*الولايات الحمراء – التي تميل للتميز باللون الأحمر وهو لون الحزب الجمهوري المنتخبين للناخبين المحافظين الذين يميلون إلى تأييد سياسات الحزب الجمهوري.
تبدوا هذه الردود وكأنها تدعم وجهة نظر تشونغ بأن إدراج ” تغير المناخ ” كان سيضعف تصويره الواقعي للريف الأمريكي لكن هذه التعليقات المحافظة تكاد تكون مبالغة .
أظهرت دراسة حديثة أن معظم الناس يقللون من تقدير مدى اهتمام مواطنيهم بتغير المناخ و يبالغون في تقدير مستوى المعارضات التي يوجهونها إذما تحدثوا عن تغيير المناخ. بالتأكيد ، سيواجه المرء أفراد المجتمع الغاضبين الذين يضايقون خبراء الأرصاد بسبب حديثهم عن تغير المناخ لكنهم يشكلون أقلية.
*رسالة فيلم *Twisters*
يبقى لنا أن نناقش الحجة الأخيرة لتشونغ بأن أفلام هوليود لا تحمل ولا ينبغي أن تحمل ” رسائل ” من منظوري في نظرية التواصل مع المجتمع فهذا غير منطقي!. كل الأفلام تحمل رسائل اجتماعية ، ثقافية ، سياسية ، و علمية. الأفلام التي تبدو خالية من الرسائل تقدم في الواقع رسائل تؤكد ما يحصل في الوضع الراهن .بعدم تضمين كلمات مثل ” تغير المناخ ، يقدم فيلم Twisters رسالة عن السياسة و أهمية أو عدم أهمية التغير المناخي في الولايات المتحدة .
أود أن أقول إن الفيلم ككل يحمل رسالة عن الحياة مع الأعاصير و يعزز الصورة النمطية الأمريكية التي لا تناسب هذا الجيل الجديد و أفكاره المتقلبة .و لتوضيح هذه النقطة ينبغي أن أستعرض المزيد من القصة .
*حرق احداث الفيلم*

على الرغم من وصفه بانه عمل منتهي مستقل لكن يمكن معرفة أن فيلم “Twisters” ليس سوى عمل معاد انتاجه للقصة الأصليةTwister” الذي تم اصداره عام 1996 .
يشترك الفيلمان في العديد من الأحداث و القصص بل و تم تكرار بعض الحوارات ، كلا الفيلمين يحتوي على فريقين من مطاردي العواصف ، فريق جاد و منظم و فريق آخر فوضوي و مرتجل . كما يحتوي الفيلمان على شخصية تعرف أسرار العواصف .
كما يوجد علاقة رومنسية ثلاثية و يبدأ كلا الفيلمين بحادثة مروعة في الماضي تؤثر على حياة أحد الشخصيات الرئيسية.

مطاردو العواصف في كلا الفلمين يفعلون التالي:
– يحتمون تحت الجسر
– يتراجعون لتناول العشاء مع العائلة من أجل الاسترخاء و توضيح الأحداث
– يواجهون إعصاراً ضخماً في الفيلم.
– يصلون إلى لحظة اكتشاف تمكنهم من إصلاح مشكلة في معداتهم و استراتيجيتهم .
– و أخيراً ينجحون في تطبيق كل شي و إعداد معداتهم المحسنة في المواجهة النهائية مع الإعصار.
لكن القصتين تختلفان في الأهداف النهائية ، ففي نسخة 1996 يسعى الفريق الفوضوي إلى جمع بيانات من داخل الإعصار لتحسين أنظمة التحذير، اما فيلم “Twisters” فـ كاتي – بطلة الفيلم – تسعى لتعطيل الإعصار و تغيير مساره.
لإنقاذ بلدتها و زملائها من دمار وشيك ، تنفذ كاتي إستراتيجيتهم المحسنة لتعطيل الإعصار فتبدأ بإطلاق صواريخ تحتوي على يوديد الفضة داخل الإعصار الذي يتزايد قوة ثم و هي محتمية في شاحنتهم المدرعة و المثبتة تفتح براميل مليئة بالبوليمرات الماصة للماء التي تلتقطها العاصفة بسرعه ثم يحدث الأثر بشكل فوري و ينفصل الإعصار.
إذن، ما هي الرسائل التي يقدمها فيلم “Twisters”؟
في الدقائق التسعين التي تسبق المواجهة الحاسمة في القصة يطرح الفيلم رسائل اجتماعية حول الصداقة و المجتمع و المرونة و العلاقات ، كما كانت العلاقات الرومنسية محترمة جداً كالتي كانت تجمع بين كاتي و تايلر -(الذي يقوم بدوره غلين باول، والذي لم ينتظر أبدًا كل هذا الوقت ليذكر في مقال عن الفيلم)- مؤثرة جداً .
كما أن الفيلم ينتقد الرأسمالية الكارثية من خلال قصة جانبية عن مسوق عقارات يشتري عقارات غير مؤمن عليها بشكل كافٍ بأسعار زهيدة بعد أن تدمرها الأعاصير. يحتوي الفيلم على الكثير من الأحداث ولهذا السبب فإن خاتمته مخيبة للآمال لأنها تعود إلى إثنين من التشبيهات المستهلكة في الثقافة الأمريكية القديمة :
– التفاؤل التكنولوجي و العالم المستقل
– المخترع غريب الأطوار
يوحي الفيلم بأن الأعاصير سيتم ترويضها في النهاية و أن هذه المهمة لن تنجز بواسطة علماء مختصين يعملون لدى شركات أو جامعات بل بواسطة مجموعة من العلماء و المخترعين المنبوذين الذين يعملون في الميدان و يتعاملون مع نماذج الكمبيوتر و المعدات و المركبات و أخيراً العواصف نفسها.
بالنسبة لجافا لانج التي كتبت في Heatmap :
فإن هذه الرسالة تجعل من الهندسة الجيولوجية البطل الحقيقي للفيلم و لكنها تعترف بأن الخطة التي مضى بها الفيلم ليست واقعية إطلاقاً مشيرة إلى أحد الطرق العلمية المستخدمة في الفيلم أنه يجب وضع أطنان من ماص الماء في داخل الأعاصير وليس نصف دزينة من البراميل كما هو موضح في أحداث الفيلم و حتى ذلك سيستغرق دقائق عدة و ليست ثلاثين ثانية فقط ، و هذا فقط لإعصار واحد فكيف يمكن نقل أطنان من البوليمرات لاعتراض أعاصير متعددة في مقاطعات وولايات مختلفة في الوقت نفسه ؟!
وكم من أطنان البوليمرات يمكن أن تستوعب التربة و المياه الجوفية قبل أن تصبح الأرض غير صالحة للزراعة؟
هل يمكن أن يكون تعلم كيفية تعطيل الإعصار مفيدا؟ بالتأكيد.
لكن هل يمكن تحويل ذلك إلى محاولة عملية ؟ شبه مستحيل.
ففي النهاية أختار المخرج تشونغ أن لا يذكر العلم الحقيقي للتغير المناخي ، أكتفي بأن يحكي قصة خيالية عن التفاؤل التكنولوجي و صائدي الأعاصير المحليين. لكن من خلال اتخاذ هذا القرار كشف تشونغ مدى عمق الانقسامالثقافي حول التغير المناخي إذ لم يكن تشونغ نفسه فإن هوليود على الأقل تبدو وكأنها تؤمن بأن مجرد ذكر “التغير المناخي” يمكن أن يؤدي إلى خسارة في شباك التذاكر و خسارة كافية لإبقاء الحقيقة خارج النص.
على أحدهم أن يخبر هوليود أن الناس حتى في الولايات الحمراء يؤمنون بان التغير المناخي حقيقي و في معظم الدول الأخرى ، هذا الأمر ليس موضع تساؤل ، لا تحرروا الأفلام لأمريكا الحمراء : حرروها للعالم – وللمستقبل. و أرجوا أن يتضمن تصنيف ” التغير المناخي في النسخة المطولة للمخرج من فيلم “Twisters” على قرص Blu-ray.
لتحميل الفيلم على التورنت بجودة عالية:






