القراءة ليست مجرد هواية، بل هي أداة قوية للعلاج الذاتي. يساهم العلاج بالقراءة في تحسين الصحة النفسية من خلال تعزيز العمليات العقلية وتنشيط الذاكرة والتركيز، مع تحسين المزاج وتقليل التوتر. سنتعرف في هذا المقال على كيفية تأثير القراءة على العقل والجسد، وكيف يمكن للكتب الأدبية والكتب غير الأدبية أن تكون وسيلة فعّالة للعلاج والتطوير الشخصي.
“مثلما يمكن للطبيب أن يقدم وصفة طبية لعلاج مرض جسدي، يمكن للكتاب المناسب أن يعالج قلباً مكسوراً، أو يخفف ثقل الوحدة، أو يمنحنا القوة لمواجهة أحلك أيامنا.” – من كتاب القراءة علاج – إيلا بيرثود وسوزان إلدركين.
العلم خلف العلاج بالقراءة
تأثير القراءة على الدماغ
تثبت الدراسات، مثل تلك التي أُجريت في جامعة هارفارد، أن القراءة تعزز مرونة الدماغ وتنشط مراكز الذاكرة، مما يساهم في الوقاية من الأمراض العصبية مثل الخرف. يساعد الانخراط في القراءة على تنشيط شبكة الدماغ العصبية ويزيد من القدرة على التركيز وحل المشكلات، مما يساهم في تحسين القدرات العقلية مع التقدم في العمر.
دراسة جامعة ليفربول
أظهرت دراسة من جامعة ليفربول بعنوان Reading as a form of therapy: A systematic review أن القراءة تقلل التوتر وتخفف القلق، وتعزز الروابط الاجتماعية والعاطفية. تتيح الروايات للقارئ الانغماس في عالم الخيال وتنشط مناطق الحواس والمشاعر في الدماغ، وتحسن مهارات التعاطف وحل المشكلات.
فوائد القراءة للصحة النفسية والجسدية
القراءة ليست مجرد نشاط ترفيهي، بل هي أداة شافية تُعزز الصحة النفسية والجسدية بطرق متنوعة ومدعومة علمياً. دعونا نستعرض فوائد القراءة بالتفصيل، مع دمج أمثلة واقعية وكتب ملهمة تساعد على تحقيق هذا التأثير.
1. التأثير الإيجابي للأدب
الأدب هو انعكاس لواقع الإنسان، يمنح القارئ فرصة لاستكشاف مشاعره الذاتية ومواجهة التحديات التي قد تبدو عصية على الحل.
على سبيل المثال، يعرض كتاب “الإنسان يبحث عن معنى” للكاتب فيكتور فرانكل كيفية البحث عن هدف ومعنى للحياة حتى في أحلك الظروف. هذا الكتاب ألهم أناساً كثيرين للتغلب على مصاعب الحياة عبر التمسك بالأمل والمعنى.
2. تقليل التوتر
تشير دراسة من جامعة ساسكس إلى أن القراءة لمدة ست دقائق يومياً تُقلل مستويات التوتر بنسبة تصل إلى 68%، مما يجعلها وسيلة أكثر فعالية من الأنشطة الأخرى مثل الاستماع إلى الموسيقى أو المشي أو شرب الشاي.
القراءة تنقل العقل إلى عوالم خيالية أو معرفية، مما يُشرك الخيال ويخفف الضغوط اليومية. يساعد هذا النشاط على تحفيز استجابة الجهاز العصبي لإنتاج هرمونات السعادة مثل السيروتونين والدوبامين، مما يُحسن المزاج، يخفف التوتر، ويُخفض ضغط الدم.
3. التطوير الذاتي وتجاوز التحديات
الكتب تُساعد القارئ على مواجهة تحدياته من خلال تقديم أمثلة حيّة عن شخصيات تغلبت على صعوبات مشابهة. أمثلة على الأدب الملهم:
- “البؤساء” للكاتب فيكتور هوغو: شخصية جان فالجان تقدم مثالاً رائعاً عن القوة والإصرار في مواجهة الحياة.
- “النورس جوناثان لفينغستون” لريتشارد باخ: كتاب يُلهم القارئ لتحطيم القيود والسعي نحو تحقيق الذات والتميز.
الكتب غير الأدبية الملهمة للتحسين
الكتب غير الأدبية تقدم نصائح عملية لتحسين جودة الحياة وتعزيز الصحة النفسية. من أبرز الأمثلة:
- “العادات الذرية” لجيمس كلير: يساعد على بناء عادات إيجابية تُعزز التوازن النفسي.
- “جسمك يتذكر كل شيء” لبيسيل فان دير كولك: يناقش تأثير الصدمات على الجسم والعقل مع تقديم استراتيجيات للتعافي.
- “غير من عقلك تتغير حياتك” لدانييل آمين: يقدم نصائح لتحسين صحة الدماغ والعادات اليومية.
- “الخروج من المتاهة” لسبنسر جونسون: يساعد على التخلص من الأفكار السلبية والتكيف مع التغيير.
4. تعزيز المرونة العقلية وتحفيز الدماغ
القراءة تُنشط الدماغ وتعزز مرونته من خلال تنشيط شبكة الأعصاب المسؤولة عن الذاكرة والتركيز. مع التقدم في العمر، تصبح القراءة أداة فعّالة للوقاية من التدهور المعرفي وأمراض مثل الخرف.
5. تحسين التعاطف والروابط الاجتماعية
عند قراءة الروايات، ينغمس القارئ في عوالم مختلفة، مما يعمق إحساسه بالتعاطف مع الآخرين. استكشاف وجهات نظر متعددة من خلال الأدب يُحسّن الروابط الاجتماعية والعاطفية، مما ينعكس إيجابياً على جودة العلاقات.
أمثلة على كتب شافية
إلى جانب الروايات الأدبية، هناك كتب عملية يمكنها تعزيز الصحة النفسية والجسدية، ومنها:
- “الإنسان يبحث عن معنى” لفيكتور فرانكل: عن التغلب على الأزمات بالبحث عن معنى الحياة.
- “الخروج من المتاهة” لسبنسر جونسون: عن التخلص من العوائق النفسية وتعزيز التكيف مع التغيير.
خاتمة: قوة الكتب في تعزيز الصحة النفسية والجسدية
القراءة ليست مجرد تسلية، بل هي وسيلة للتشافي والتطوير الشخصي. تساهم الكتب الأدبية وغير الأدبية في مساعدة الأفراد على التغلب على التحديات، وتخفيف التوتر، وتعزيز الصحة النفسية. من خلال جعل القراءة جزءًا من روتيننا اليومي، يمكننا تحسين رفاهنا العقلي والجسدي، وبناء حياة متوازنة مليئة بالسلام الداخلي.
قائمة المراجع والمصادر:
Billington, J., Dowrick, C., Hamer, A., Robinson, J., & Williams, C. (2011). “Reading as a form of therapy: A systematic review.” Liverpool: University of Liverpool.
تدرس هذه المراجعة المنهجية كيف تساعد القراءة على تخفيف القلق وتعزيز الروابط الاجتماعية.
Harvard University Study on Brain Flexibility: https://news.harvard.edu/gazette/story/2017/08/brain-flexibility-changes-the-way-we-remember-and-learn/
تشير الدراسات في جامعة هارفارد إلى أن القراءة تساعد على تنشيط مناطق الذاكرة وتعزز مرونة الدماغ وتحافظ على الصحة العقلية.
- https://www.sensei-editions.com/en/blog/wellbeing/reading-for-relaxation/
[…] في جامعة هارفارد. أنتج جبرا حوالي 70 عملاً بين روايات وكتب مؤلَّفة وترجمات، وتمت ترجمة أعماله إلى أكثر من اثنتي […]