لنلعب! الكلمة المبهجة التي تزيح عنا جدية الحياة، تثير حماسنا وضحكاتنا “الا إن كان لديكم أخ تنافسي يخرب عليكم الجمعة” عدا عن ذلك نحن سعداء باللعب وعلاقتنا به عميقة
“نحن مخلوقون بيولوجيا للاستمتاع باللعب والاستفادة منه طوال حياتنا”

هذا ما أشاد به الدكتور ستيوارت براون مؤسس المعهد الوطني للعب، قضى حياته المهنية في دراسة طرق اللعب لدى البشر وكيف يؤثر على صحتنا، والعواقب المدمرة لقمعه. خمسة وثلاثين عامًا من الممارسة السريرية، والأبحاث المبكرة عن العنف واسبابه.

تمرّس الدكتور ستيوارت براون في مجال الطب العام والداخلي والطب النفسي، مع تمتعه بخبرة واسعة في الطب السريري. وأدرك في بداياته أهمية اللعب من خلال تتبع غيابه عن أنماط سلوك وحياة أغلب مرتكبي الجرائم . فيما قوّت سنوات خبرته من إيمانه بدور اللعب الصحي العلني خلال حياة الإنسان وضرورته وأثره الهام على صحة الفرد في العالم. وقد أثمرت منحته المستقلة حول استكشاف تطور علم الأعصاب من خلال البحث في أنماط اللعب البشري والحيواني إلى إنشاء المعهد الوطني للعب. فيما أذاعت كتاباته العلمية المشهورة صيته كـ”البطل العملي الأول لعلم اللعب”. ويفتح كتابه “كيف يشكّل اللعب أدمغتنا” آفاقاً من الأفكار الملهمة للجسد والروح محققاً انتشاراً عالمياً كبيراً ومُترجماً إلى 12 لغة. وكما يقول الدكتور براون: “وُجد جنسنا البشري للعب ومن خلال اللعب”.
أستنتج بها أننا “بُنينا للعب وبنينا من خلال اللعب”.
بدأت أبحاث الدكتور عن اللعب عندما كُلف في قضية” sniper66″ حينما تسلق الطالب الجامعي تشارلز ويتمان ذو 25 عاما برج جامعة تكساس وأطلق النار ليصيب 45 شخص، وهو لا يملك أي سجل اجرامي وفي خلال 4 اشهر قاموا بدراسة حالته من كل الجواب وفي تلك المناقشات، قال الطبيب النفسي للأطفال روبرت ستابلفيلد – عضو اللجنة – مرارًا وتكرارًا “لو لعب”. في النهاية، وافقت اللجنة بالإجماع على أن موجة القتل التي قام بها ويتمان بسبب قمع لعبه الحر وهو طفل من قبل أب سادي متعجرف.
انتقل الدكتور بروان لدراسة اللعب في الحيوانات تبعا لنصيحة الدكتورة جين جودال، التي أخبرته، “إذا كنت ستفهم اللعب ، عليك أن تفهم اللعب في الحيوانات في البرية” ، حيث أظهر علماء الأعصاب أن أدمغة الإنسان توازي بنية أدمغة ثديات الحيوانات الصغيرة، مما جعل علماء الاعصاب يجرون التجارب على الفئران.
واحدة من التجارب المثيرة للاهتمام كانت للدكتور جاك بانكسيب درس مجموعتين من الفئران واحدة كانت ممنوعة من اللعب بأنواعه والأخرى كانت مزودة بكل وسائل اللعب، وحينما أدخل عليهم حيوان مفترس كلتا المجموعتين اختبأتا وعندما ذهب التهديد خرجت المجموعة التي تلعب لأنها أدركت ذهاب التهديد بينما بقت المجموعة الأخرى مختبئة الى أن ماتت من الجوع!
بالطبع جميعنا يدرك أهمية اللعب للأطفال في تشكيل وبناء عقولهم، بيولوجيا هناك عدد كبير من الخلايا العصبية في القشرة الدماغية تتطلب تنشيط خارجي، حيث اللعب يعمل على تطوير مسارات عصبية تبني قدراتنا الجسدية، والاجتماعية والعاطفية والمعرفية. كلما كان الطفل في حالة لعب كلما تشكلت دوائر دماغية جديدة تبني مهاراتهم التي سيستخدمونها طوال حياتهم، خفة الحركة الجسدية، والثقة الاجتماعية، والتنظيم العاطفي، والإبداع، والمرونة. وكذلك البالغون كلما كنا في حالة لعب، تنشط المسارات العصبية في الدماغ مما تحسن وظائف المخ، وتحفز الإبداع وتخفض التوتر وتزيد السعادة بإفراز مادةEndorphin وتتحسن الذاكرة وتنمو القشرة الدماغية حيث يحفز اللعب إفراز BDNF، وهي مادة أساسية لنمو خلايا الدماغ.
“الدافع للعب هو أمر أساسي مثل دافعنا للطعام والنوم”
دكتور براون

إذا ماهي حالة اللعب ؟
اللعب بتعريف الدكتور سيتورات براون؛ هو الحالة الذهنية التي يتمتع بها المرء عند الانغماس في نشاط يوفر المتعة وتعليق الإحساس بالوقت. يشبع دافع ذاتي لذا تريد أن تفعله مرارًا وتكرارًا.
محفزات حالة اللعب مختلفة من شخص لأخر، إذا قام شخصان بنفس النشاط، فقد يكون ذلك ممتعًا لأحدهما دون الآخر. فالمواقف التي تثير حالة اللعب لدينا هي بالتفضيلات الفردية التي تحددها أسلاك الدماغ عند الولادة وخبراتنا الحياتية المبكرة، وعندما نكبر، نطور تفضيلات قوية لأنواع معينة من اللعب على الأنواع الأخرى.
اكتشف ما هو نمط “شخصية اللعب” الخاص بك؟
عبر الآف المقابلات والملاحظات وجد دكتور براون أن معظم الناس لديهم واحدة من ثمانية أنماط لعب مهيمنة. يسميهم “شخصيات اللعب” تفيدنا لتوجيهنا نحو شخصية اللعب الأساسية لنا وهي كالتالي:

- The Collector– جامع القطع سواء كان يجمع السيارات او القطع النقدية او النحاسية الاثرية هو يهوى ان يكوّن مجموعته الخاصة به سواء كان نشاط فردي او يشارك شغفه مع جماعة مهتمين بنفس الاهتمام.
- – The Competitorالمنافس يصل الى المتعة والابداع حيث لا يلعب المنافسون من أجل اللعبة فقط ؛ إنهم يلعبون من أجل الفوز.
- – The Creator/Artist الفنان يجد الفرح بصنع الأشياء الرسم والنجارة والنحت والبستنة وصنع الأثاث وقد يستمتع المصمم بتفكيك وتركيب آلة معينة ان يصنع شيئاً جميلا له.
- –The Director المنظمين يستمتعون بتخطيط وتنفيذ المشاهد والأحداث يحبون القدرة على جعل الأشياء تحدث. كمقدمو الحفلات، ومخططو الرحلات العظيمة.
- – The Explorer المسكتشف كأن يذهب لاماكن مختلفة او أن يجرب شعور جديد من خلال الموسيقى او مقابلة اشخاص جدد وأحياناً المغازلة وأن يبحث عن موضوع جديد أو عن وجهات نظر جديدة تنعشه.
- – The Jokerالجوكر يجد قبولًا اجتماعيًا والكثيرمن الحماس والإثارة بالتهريج لإضحاك من حوله.
- – The Kinesthete الحركيون يشعرون بالمتعة بشعورهم بأجسادهم تتحرك وتنطلق كلعب الكرة، ممارسة اليوجا أو الرقص، حتى أن البعض بحاجة إلى التحرك من أجل التفكير.
- – The Storytellerراوي القصص بالنسبة الى الراوي يشكل الخيال جل متعة اللعب قد يجدون أعضم متعة في قراءة الروايات ومشاهدة الأفلام يشعرون أنهم منخرطون في القصص ويختبرون أفكار ومشاعر الشخصيات ويخلقون عالما خياليا من خلال التمثيل أو الرقص أو الحيل السحرية.

تأثير اللعب في تشكيل ادمغتنا وتحفيز ابداعنا عميق ولا زالت الدراسات تكشف لنا ابعاد اخرى، وتفرد كل منا فيما يحفزه، فرصة لنكتشف ما هي اللعبة التي تناسبنا، تغذينا بالطاقة والسعادة ونجعل لحالة اللعب دور في نمط حياتنا.
https://www.nifplay.org/what-is-play/types-of-play/attunement-play/
موقع المعهد الوطني للعب يحوي الكثير من المقالات المثرية مثل إيجاد اللعب المحفز لطفلك، كيف تبني حياة من اللعب لنفسك ولأطفالك ومكتبه من الصوتيات والكتب والأبحاث العلمية.