
“أمي هل رأيتِ ذلك؟ والآن انظري إلى هذا!”
“هممم، سأنصت إليك بعد برهة يا صغيري، أحتاج دقيقتين فقط لإرسال بريد إلكتروني قصير”
أتقن ابني ذو الخمسة أعوام مهارة بارعة بعد تدريب جاد، ولكن ما هي ردة فعلي تجاه الأمر؟ لا رد فعل محدد، أنا متيقنة إني لم أعره الانتباه الكاف.
كلما خلوت إلى نفسي وأحصيت المشاهد الصغيرة الشبيهةأشعر أنني الأم الأسوأ على الإطلاق، على الرغم من إن ذلك ليس بالأمر نادر الحدوث، فالحياة مليئة بالمشتتات التي قد تحيد انتباهنا عن أهم الأمور مثلاً “الأمومة”
لم يكن الأمر دائماً هكذا لكن بعد ان بلغ عمر ابني الأول الخامسة وجاء أخيه الأصغر تمزقت أوصالاً بين مهام الحياة، توجد نسخة واحدة مني وطفلان، وعشرات الآلاف من المهام التي ينبغي إنجازها، كما يومض هاتفي آلاف المرات يوميا بإشعارات من مواقع التواصل الاجتماعي، البريد الإلكتروني، الأخبار الصادمة.
استنزفت قواي، يلازمني شعور بأن ثمة شيء ما يجب عليفعله، كنت أدور في حلقة، وكانت تبدو غير قابلة للهروب منها، ولكن “لا”، هذا ما احتجت لفعله.
لماذا؟
لأني لا أريد تفويت فرصة عقد رباط قوي مع مدللي الصغير،أو أهمل اكتشافات الطالب المجد الجديدة أثناء انهماكي في العالم الرقمي، لا أريد لولدي أن يتعلما عيش أنصاف الحيوات، أو أن أُشعرهما أني لا أحبهما حباً جماً، لا أريد اكتشف ذات يوم إنهما كبرا فجأة دون أن أدرك ذلك.
إن شعرتِ بأن قصتينا متشابهة، فتعالي نجد حلولاً لكي لا نكون أولئك الأمهات.

1. اقفل هاتفك… بقفل ومفتاح -إن لزم الأمر-
سأصْدُقُك، لن يكون هذا الأمر سهلا، لأنك سنمر بأعراض انسحاب، ففي كل مرة نتلقى فيها إشعاراً يصل لأدمغتنا جرعة الدوبامين الذي بدوره يخلق حلقة لا متناهية ماكرة ترجعنا إليها مراراً وتكراراً، أكره أن أكشف لك ذلك، لكننا أصبنا بالإدمان حقا.
2. ضع قوانين صارمة لاستخدام الهاتف
لا أقول هنا اقلعي عن استخدام الهاتف دفعة واحدة، ولا يجب أن تفعل ذلك، لكن بدلا من استخدام الهاتف دون انقطاع، جرب استخدامه مدة خمس دقائق على رأس كل ساعة، فكل شيء يمكن أن ينتظر لساعة، أليس كذلك؟ (بالطبع هو كذلك!)
بعدها يمكنك أن تزيد مدة الساعات الحرة بعيداً عن الهاتف أكثر وأكثر حتى يصبح الأمر اعتيادياً.
3. الالتزام الحازم بقائمة المهام
أنصح بعمل قائمتين: الأولى قائمة من المهام واقعية ويجب أن تنجز اليوم، والأخرى تتضمن الأهداف ذات الأمد البعيد،عندما تتنظم الأفكار بهذه الطريقة، سيكون باستطاعتك أن ترى ما يجب عليك إنجازك ومتى، وستكون مطمئن أنك لم تنسى شيئاً.
4. استخدم دفتر ملاحظات وورق ملاحظات لتدوين أفكارك العشوائية
بهذه الطريقة التقليدية، لن يغويك الهاتف لقراءة سريعة للبريد الإلكتروني والرد على الرسائل وتصفح تويتر وما إلى ذلك، وهذا سيجعل الأطفال يعتادون على مظهرك وأنت تكتب، مما يحفزهم على الإمساك بورقة وقلم بدورهم.
5. كن متيقظاً
يتردد ذكر مصطلح التيقظ هنا وهناك كثيراً في هذه الآونة، ولكن ماذا يعني حقاً؟ يعني أن تكون حاضر اللحظة قلبا وقالبا، وفي لغة الآباء: عدم رعاية الأطفال بطريقة آلية، امنحهم التركيز الكامل، فحتى أبسط المهام معهم قد تكون فرصة للتواصل معهم. بالإضافة إلى أن الأطفال سيكملون مهامهم بطواعية دون إحباط.
6. حافظ على مسافة أمان من الأحداث العالمية
غدت نشرات الأخبار مؤخرا مبعثا للكروب، وكأن كل حدثسيضر بأسرتك مباشرة، لكن ما دمت لستَ أحد صناع القرار، فلن تتضرر فوراً صدقاً، لذا خذ نفسا عميقا واترك الأخبار جانباً، وركز على تفاعلك معهم، فهو ما سيؤثر بهم الآن وفي المستقبل.
7. كن فاعلا
شارك في بناء مجتمعك، عبر عن آرائك، انضم إلى الفعاليات والأحداث التي تصنع التغيير، ومن الجميل أن يشهد أولادك ذلك لتكون لهم قدوة، ويدركوا إن باستطاعتهم أن يكونوا فعالين في المجتمع في سن صغيرة.
ولكن لا بأس إن كنت لا تفضل أن ينضم لك أولادكفي أنشطتك.
8. تخصيص وقت للعمل بوجود الأطفال
قد تكون طريقة ماكرة لكنها طريقة نافعة بكل تأكيد لإضافة أوقات للعمل، أوكل مهام إبداعية لهم كالتلوين أو الأعمال اليدوية أو المشاريع الكتابية لينشغلوا هم بمهامهم بينما تنجز أعمالك بالقرب منهم، قد يكون الأمر صعباً في بادئ الأمر خصوصاً إن كان لك أطفال صغار يقفزون أمام شاشة حاسوبك، غير أنه مع الوقت سيصبح أكثر سلاسة، ويغرس في أولادك الاستقلالية واحترام العمل.
9. اعطي اهتماماً منفصلاً لكل طفل من أطفالك
في مرحلة ما سيحتاج أحد أطفالك لاهتمام أكثر من الآخرين، ولكن الأطفال لا يعون ذلك، لذلك خصص ربع ساعة على الأقل يومياً لطفلك الذي لا يحتاجك لكي يشعر الطفل باستمرار التواصل والهدوء والاستقرار، وينحسر شعوره بالإهمال.
10. امنح نفسك استراحة
تذكر أنك إنسان، والتربية ليست سهلة، وكل ما لديك هو أربعة وعشرين ساعة في اليوم، وفي خضم الحياة قد تشتتك مشاكل العمل أو العائلة أكثر مما تتصور، فلا تبالغ في لوم نفسك ولا تدع تركيزك على الزلل يقودك إلى مزيد من التشتت، دع الأمور تمضي كما هي ثم عد لنفسك وانفض عنها التراب وحاول مرة أخرى غداً.
11. اهتم بنفسك
اعرف ماذا تحتاج لكي تستطيع الاهتمام بعائلتك دون شعور مستمر بالاحتياج لأمر آخر، توقف عن الشعور بالذنب كلما أردت استقطاع وقت لنفسك، دع أولادك يرونك على أنك إنسان وليس قالباً تربوياً أو تعريفاً للأمومة، أنه أمر ضروري لصحتهم النفسية ولتصورهم الذي سيصنع عن دور المرأة، قم بصنع أمر بسيط لهم وهذا سينعكس عليهم إيجابياً بشكل هائل.
وعلى وجه العموم، من المهم أن تتذكر بأن أطفالك يعيشون طفولتهم مرة واحدة، كما أنك تعيش ذلك معهم مرة واحدة، لا بأس بأن تأخذك المشاغل عنهم مرة كل فترة، لكن لو أصبحت تلك عادة فستفوتك لحظات ثمينة من حياتهم.
كل الأمهات والآباء يكابدون نفس المعضلة، بيد أن هذا لا يعني أنك لا تستطيع إيجاد حل وسطي يسعدك وأطفالك في الآن نفسه.
ما هي الحلول الناجعة في تجربتك التي تساعد على التغلب على التشتت في التربية؟
ترجمة: البتول التويجري | تدقيق: سمانا السامرائي