ماهو موقف الجنسيين المثليين من الجنس الآخر في موضوعات الحب؟
الجواب الواضح والصريح هو أنهم يشيحون بوجوههم عن الجنس الآخر، ولا يبدون اهتماماً به. ولكن كلما نقب المرء أكثر باحثاً في السيرورات السيكولوجية، قوي لدية الانطباع بأن المكان البادي للعيان هو المكان الأفضل لإخفاء ما يجب إخفاؤه. فالواضح يمكن أن يكون واضحاً على نحو مفرط في بروزه.
وأكرر، ماهو موقف هذه المجموعة الكبيرة من الرجال تجاه الجنس الآخر؟ وبالطبع، فإن علينا أن نفرق بين سلوكهم الاجتماعي تجاه النساء ومشاعرهم نحوهن. فسلوكهم غالباً ما يكون طاهر الذيل لا غبار عليه، يترواح بين اللامبالاة اللطيفة والمغازلة الخفيفة. وفي حالة راقبتها، وصل الأمر إلى حد وجود عشيقة زائفة، كان الرجل يتكلف في مغازلتها ويعتبرها محبوبته أمام المجتمع وذلك للتغطية على جنسيته المثلية. ومن الممكن استنتاج الموقف الحقيقي للجنسي المثلي بسهولة من طبيعة الاستيهامات المذكورة في الجزء الأول من المقال، فمن الواضح أن الجنسيين المثليين يضطلعون بدور المرأة فيسلكون كالنساء في علاقتهم مع غيرهم من الرجال، يحاكون الطرائق النسوية والتأنق النسوي، ويصدرون عموماً عن موقف المرأة في بعض حركاتهم وتفاصيل لباسهم، وعاداتهم. ويتفق جميع الباحثين على هذه السمات المميزة، ولكن تبقى هنالك لمسة تفلت من ملاحظتهم، على الرغم من وضوحها.
كل من أتيحت له فرصة مراقبة سلوك الرجال الجنسيين المثليين مع بعضهم بعضاً يتكون لديه انطباع مفاده أنهم لا يحاكون الجنس اللطيف مجرد محاكاة، وإنما يسخرون منه. ليست مجرد محاكاة، إنها سخرية في المحاكاة. وهذه المحاولة الكاريكاتورية تنم على العداء، كما أن هنالك سمات أخرى كالغياب الواضح للحسد والغيرة تجاه النساء. لكن ما يدعو للدهشة في التحليل النفساني للرجال الجنسيين المثليين ليس عدم غيرتهم من النساء، وإنما محاولتهم اللاواعية لجعلهن يَغَرنَ. إنني أتحدث هنا عن مجموعة من الرجال ليسوا جنسيين مثليين بصورة كاملة، ولا يَقصرون اهتمامهم كلياً على جنسهم وحده، وإنما يفضلون الرجال على النساء وحسب.
نلاحظ أن أفراد هذه المجموعة الأكبر ليسوا متبلدين تجاه سحر النساء وفتنتهن، بل وژن بمستطاعهم أن يشعروا ببداية اهتمام عاطفي وجنسي تجاه النساء، لكن شيئاً ما يحدث عندئذ ويحوّل هذا الانجذاب الأولي باتجاه رجل. ما ه، هذا الشي؟ ما الذي يسبب هذا التحوّل في الاهتمام ؟ سأورد بعض الأمثلة: مريض مثلي اصطحب سيدة إلى الغداء في مطعم وظلّ مستمتعاً بحديثه معها إلى أن دخل شاب وسيم من النمط النسوي وجلس إلى طاولة مجاورة مع مجموعة من الرجال. وعندها اقتصر اهتمام مريضنا على الشاب وحده، رغم أنه كان قد بدأ للتو يحس انجذاباً نحو رفيقته. وهكذا التمس ذريعة، وودع السيدة، والتحق بمجلس الشاب. وها هنا حالة أخرى تكاد لا تصدق: رجل كان جنسياً مثلياً على الدوام أضحى مهتماً بفتاة، وتمخض عن علاقتهما “شأن” حقيقي. وبعد بضعة دقائق من اتصالهما الجنسي، والذي أدى فيه وظيفته على نحو سوي ولو بقليل من الإشباع، مضى إلى الهاتف في غرفة نوم الفتاة، وطلب صبيّه المفضل ليحدد موعداً معه، وراح يمازحه ويغازله بينما الفتاة تسمع. أما مثالي الثالث فهو أكثر غرابة بعد: رجل اقتصرت علاقاته الجنسية لبضعة سنين على رجل آخر، تزوج في النهاية من فتاة جميلة. ،بعد بضعة أسابيع ذهبت الزوجة الشابة برحلة قصيرة. وأثناء غيابها شعر الرجل بالقلق ومضى إلى صديقه السابق ليعاود معه اتصالهما الجنسي.
ألم تُسَق المرأة في كل مثال إلى الاعتقاد بأنها أوقضت اهتماماً عاطفياً لدى الرجل فلا تلبث أن تفهم فجأة وبصورة فظة أن ذلك ليس صحيحاً، إن سلوك الجنسي المثلي مفعم بالمرامي اللاواعية.
[…] مشكلة الجنسية المثلية -الجزء الثاني FacebookTwitterEmailWhatsApp […]